«مغاوير الصحراء» يتغلبون على ظروف التضاريس ويقفون سداً منيعاً أمام المتسللين والمهربين

«الرياض» تتجول بمراكز حرس الحدود في الربع الخالي (2/2)
«مغاوير الصحراء» يتغلبون على ظروف التضاريس ويقفون سداً منيعاً أمام المتسللين والمهربين

الفريق طلال عنقاوي في جولة تفقدية على قطاعات حرس الحدود في الربع الخاليالربع الخالي - جولة - محمد الغامدي: تصوير - زكريا العبدالعال:

حملنا أمتعتنا أنا وزميلي المصور ومرافقنا الرائد صالح الزهراني من إدارة العلاقات العامة بحرس الحدود بالمنطقة الشرقية وتوجهنا بسيارة إلى أول مركز لحرس الحدود في الربع الخالي وهو مركز ذعبلواتن، وكان في استقبالنا قائد المركز النقيب صالح العنزي وأفراده العاملونين معه في المركز نفسه ، وبعد استراحة قليلة صحبنا في جولة على مرافق المركز وهو مبنى حديث تتوفر به العديد من التقنية في الاتصالات قريبة المدى وبعيدة المدى ومحطة تحلية صغيرة وسكن للأفراد حديث ومجهز بكامل الأثاث، بعدها عدنا إلى استراحة المركز وهي عبارة عن خيمة بيت شعر حديثة جدا ومجهزة بتكيف مركزي وشاشة تلفزيون كبيرة وجهاز هاتف كي يستطيع جميع العاملين في المركز من التواصل مع أهليهم وذويهم عن طريقه.

وتحدث قائد المركز النقيب صالح العنزي، وقال: يقوم المركز بمهمة الحدود المناطة به من منع التهريب والدخول الى ارض المملكة بطريقة غير مشروعة ومراقبة الشريط الحدودي مع الأشقاء في دول الجوار، وتنظيم أعمال البادية في الدخول والخروج بغرض الرعي في الأراضي السعودية أو الخروج لدول الجوار، حيث نغطي مسافة (70) كم غرب المركز و(65) كم شرق المركز، ويقوم بهذا العمل دوريتنا التي تم تجهيزها بأحدث الاتصالات قريبة المدى وبعيدة المدى، إضافة إلى تسليحهم العسكري والتأكد من اسلحتهم وتفقد الذخائر واصطحاب الماء معهم، والانطلاق بدورياتهم وتعمل الدوريات على مدار (24) ساعة وتكون مرتبطة مباشرة مع عمليات المركز للبلاغ عن أي تجاوزات أو عمليات تهريب أو تسلل وتكون مدة كل وردية (8) ساعات، مشيراً إلى أن عمليات التسلل تعتبر نادرة جداً بسبب وعورة الصحراء، كما رصد المركز بعض حالات تهريب المخدرات وهي الأغلب التي تتم عبر الحدود.

تغطية 96 كيلو متراً

بعد ذلك وصلنا بحمد الله إلى مركز المنجور في الربع الخالي في الخامسة مساء وتوجهنا إلى برج المنجور الخاص بمراقبة الحدود السعودية مع الجمهورية اليمنية، وكذلك الحدود مع سلطنة عمان ومن ثم لعين الماء الفوارة الكبريتية في الربع الخالي والتي تقع ضمن منطقة نجران إداريا، وتحدث قائد مركز المنجورالنقيب محمد بن غنام القريني وقال: مركز المنجور التابع لقيادة المنطقة الشرقية يعتبر المركز الأخير في حدود مسؤولية المنطقة الشرقية مع منطقة نجران وتنتهي مسؤوليتنا عند قطاع شرورة وهو مجمع الخرخير، ونغطي مسافة (96) كم باتجاه واحد مقسمة الى عدة دوريات تقوم بتغطية خط الحدود من مراقبة ورصد وابلاغ عن اي تحركات غير عادية ومنع التهريب من مخدرات وأسلحة وتسلل.

وأضاف: أن أكثر مايواجه المركز هو عمليات تهريب المخدرات التي بفضل الله يتم التصدي لها بكل قوة وحزم، فقد وفرت لنا حكومتنا الرشيدة جميع الأجهزة الحديثة والاتصالات المختلفة وآليات حديثة وأسلحة، وهذا يتطلب منا مضاعفة الجهود لحماية حدودنا ومنع جميع أنواع التهريب والتجاوزات غير المشروعة.

أدوار مقسمة

وأشار إلى أن عمل الأفراد ينقسم إلى قسمين، القسم الأول يتواجد لمدة شهر كامل في المركز يقوم بجميع الأعمال المناطة بهم كامل من حراسة الحدود وغيرها، والقسم الأخرى يتمتع مع أسرهم لمدة شهر ويتم التناوب فيما بينهم نظراً لصعوبة المنطقة ووعورتها ومن الصعب المكوث في منطقة الربع الخالي أكثر من شهر.

ومن ابرز المعوقات التي توجه العاملين في مراكز الربع الخالي قال القريني إن طبيعة الربع الخالي ووعورة الطرق فيه تعتبر من ابرز المعوقات وسوف يصلنا خلال هذه الفترة دفعه جديدة من السيارات الحديثة للتغلب على وعورة الطرق.

وأضاف أن الأفراد العاملين في المراكز الحدودية يتم عمل دورات مستمرة لهم ويتم اطلاعهم على الوسائل الجديدة في عمليات التهريب بجميع أنواعها وبفضل الله يتم كشف دخول أي متسلل أو مهرب إلى المملكة عن طريق دوريات من قبل الخط الأول أو الخط الثاني حيث من المستحيل تسلل الأشخاص سيرا على الأقدام لأن المشي في الصحراء مميت في مسافة كيلومتر في الصيف، حيث تصل درجة الحرارة في الصيف إلى (60) درجة مئوية، وهذه واحدة من صعوبات العمل بالربع الخالي وهناك صعوبات في الإسعافات السريعة للمصابين بحادث سيارة أو لدغة ثعبان بسبب بعد المسافات عن المدن التي يوجد بها مستشفيات.

اليوم الثاني

وفي اليوم التالي كان سائقنا المحترف محمد حبيلص جاهزاً للانطلاق بنا ومررنا بمركز السحمة باتجاه قيادة القطاع بعرده وشاهدنا دحل أبو فيحان المشهور بالربع الخالي، وقد طمرت الرمال جزء كبير منه، وواصلنا السير في طريق وعرة، حيث تعرض أحد إطارات السيارة للتلف ووقفنا لإصلاحه واستبداله ومن ثم مواصلة المسير وفي تمام الساعة الثانية والنصف ظهراً وصلنا لقيادة حرس الحدود بعرده، وتم استقبالنا من ضباط القطاع والأفراد وكان هناك غداء معد بمناسبة زيارتنا لمركز حرس الحدود.

وتحدث قائد قطاع حرس الحدود بعرده العقيد مشبب طالع القحطاني وقال: تمتد مهام قطاع حرس الحدود في الربع الخالي من المثلث الحدودي مع الإمارات بمسافة لا تقل عن (765) كيلومتراً امتداداً إلى المثلث العماني اليمني ويغطي هذه المسافة دوريات على مدار الساعة لمنع تهريب المخدرات والتسلل وتسهيل دخول البادية وتقديم العون والمساعدة لهم في حال فقد احد منهم في الصحراء بالبحث عنه ويتبع القطاع (6) مراكز حدودية.

وأضاف أن هناك فترة محددة يخدمها الفرد في الربع الخالي ويتمتع بكافة المميزات التي تمنح للعاملين هنا، حيث تعتبر السنة بسنتين وزيادة الرواتب وغير ذلك من المحفزات وبعد انقضاء الفترة المقررة يحق للفرد المطالبة بالنقل، وقد لايرغب الكثير في النقل نظراً للمميزات التي يتمتعون بها.

وأشار إلى أنه يتوفر لدينا في الربع الخالي اتصالات عالية التقنية ومنها (جهاز الفيسات) وسهل علينا العديد من المصاعب التي كنا نوجهها في السابق ومكن جميع مراكزنا من التواصل مع بعضها البعض في نقل المعلومات وسهل على العاملين في القطاع والمراكز التابعة له من الاتصال بذويهم والعكس، وأيضا أجهزة الثريا موزعة على الدوريات ورؤساء المركز وهناك الأجهزة بعيدة المدى التي توجد في جميع دوريتنا. وقال نحن في حرس الحدود نطلع ونتدرب باستمرار على جميع وسائل التهريب وكيفية اكتشافها وإعطاء جميع الأفراد والضباط دورات متقدمة للتعامل مع المهربين وكيفية كشفهم.

مركز أم الزمول

وفي تمام الساعة الرابعة عصرا انطلقنا من قيادة قطاع حرس الحدود بعردة متوجهين إلى مركز أم الزمول، وكان الطريق لا يقل خطورة عن سابقيه من كثبان رملية خطرة ووعورة لمن يسلكها حيث من المستحيل الوصول لصحراء الربع الخالي بدون مرافقة دليل من الناس الذين سبق لهم العيش في الصحراء وذلك لأن الرمال في هذه الصحراء متحركة بشكل مستمر وخصوصا في فصل الصيف مما يغير من معالم المنطقة وتضاريسها. وبعد مضي (6) ساعات وصلنا أول مركز حرس الحدود في صحراء الشيبة، وتوقفنا لأخذ قسط من الراحة وتناول القهوة بعد الطريق الشاق حيث يوجد حقل شيبة النفطي العملاق بين الرمال الذهبية بصحراء الربع الخالي وتوجهنا إلى مهبط شبيطة التابع لحرس الحدود وتناول وجبة العشاء وتزويد المركبة التي نستقلها بالوقود، وفي تمام الساعة 11مساء وصلنا المسير باتجاه منفذ البطحاء عبر طريق معبد من شيبة إلى منفذ البطحاء.

منفذ البطحاء

وفي تمام الساعة 2 صباحا وصلنا مهبط البطحاء المكان المعد مسبقا للمبيت واستسلمنا للنوم بشكل سريع.

وتحدث العقيد عبدالخالق سعد القرني قائد قطاع حرس الحدود بالبطحاء وقال يتولي حرس الحدود بالبطحاء تامين حراسة المنشآت البترولية بمعمل شيبةه من الخارج، ويقوم كذلك بمهام أعماله الحدودية بمسافة (209كم)، كما يوجد بمجمع الشيبة العديد من القصوب التي تتم تغطيتها بدوريات على مدار الساعة، ومن مهامنا أحكام السيطرة الأمنية على مداخل معمل شيبه وهي (3) مداخل، وهي: نقطة شيبة البطحاء، ونقطة مفرق أم الزمول، ونقطة الكناور وجميع هذه النقاط تتم تغطيتها بدوريات على مدار (24) ساعة وهناك عدة صبخات يتولي المركز تأمين حراسات ودوريات عليها تابعة لشركة ارامكو السعودية وبالنسبة للمعامل من الداخل فيتم حراستها عن طريق الأمن الصناعي التابع لشركة ارامكو وهناك تبادل معلومات بين القطاعين، وكذلك نقيم عمليات فرضية وتطبيق خطط على مدار العام ويغطي القطاع كذلك باقي الخط الحدودي مع دولة الإمارات بتسيير دوريات مستمرة على مدار الساعة ويوجد لدينا مهبطان الأول في شبيطة والثاني في البطحاء يسهمان في خدمة القطاع بشكل عام. وفي تمام الساعة الواحدة ظهراً تم الإعلان عن انتهاء جولتنا في مراكز حرس الحدود بالربع الخالي متوجهين إلى مدينة الدمام مرورا بمنفذ سلوى ومدينة الإحساء وبقيق وتم وصولنا بحمد الله في تمام الساعة الخامسة عصراً.