الدمام - محمد الغامدي: تصوير - عصام عبدالله:
تحولت محرقة الدمام إلى وكر يستضيف مخالفين من جميع الجنسيات يقومون بأعمال هامشية تطورت إلى سرقات يعاني منها أصحاب المواقع المرخص لها وتهدد بانتشار جريمة السرقة إلى داخل الدمام، حيث أصبح اللصوص يجدون منفذاً لتصريف مسروقاتهم في هذه المحرقة.
تحتضن المحرقة جميع أشكال مخالفة أنظمة الإقامة بداية من التسلل والهروب إلى العمل بعيداً عن الكفيل في أجواء لا يعكر صفوها إلا القليل من المداهمات التي تنفذها الجوازات ولذلك يظل واقع المحرقة كبؤرة مرشحة لمزيد من الاتساع بعد اكتسابها سمعة كبيرة وسط المخالفين في جميع مناطق المملكة.
عايض عويضة البقمي تعرض أحد محلاته للسرقة من قبل العمالة السائبة، يتحدث عن الأضرار التي لحقت به بقوله: تمت سرقة مستودعي ومستودعات جيراني، أي تمت سرقة خمسة مستودعات في يوم واحد وفي عز النهار ثم في الليل أحرقوها بالكامل، وقد أخذوا من المستودعات كوابل وأغراضاً نحاسية تباع بالوزن، وهناك من يعاونهم في ذلك في المحرقة التي تعمل بها عمالة وافدة كثيرة، فعدد محلات هذه المحرقة حوالي 24محلاً منها حوالي ثلاثة فقط يديرها سعوديون.
ويواصل البقمي قائلاً: عندما أبلغت الشرطة أخبرتهم بأني لا أشك في أحد لأني حديث العمل في هذا المجال، ولكن كل من حولي كانوا يواسوني وهم على معرفة باللصوص، والذين لديهم إقامات يتعاونون مع من ليست لديهم، وأعرف أصحاب سبعة محلات كفلاؤهم في عرعر.
ويضيف بأنهم (أي السعوديين) عددهم أربعة فقط وبقية المحلات بأسماء العمال ولذلك لا فائدة من الشكوى للجهات الرسمية، ولكن سبق له أن حمل مخالفين وسلمهم للترحيل. وبالنسبة لتفاعل الشرطة مع البلاغ الذي تقدم به لسرقة محله، قال ان دوريتين جاءتا إلى المحل ولم يدخل أفرادهما لمعرفة الوضع وقالوا إنهم لا يستطيعون الدخول لعدم وجود أمر بذلك، ولكي يتمكنوا من دخول المحرقة لا بد من حملة وذلك يتم برفع خطاب أولاً ثم الأمر بذلك.
في عز النهار
ويضيف: أمام أفراد الدورية أخرجت بضاعتي المسروقة من بعض المحلات، ولكنهم رغم ذلك لم يحركوا ساكنا بحجة عدم وجود الأمر وكان ذلك في عز النهار، وحتى يومنا هذا لم تقم الشرطة بمداهمة، وبضاعتي المسروقة تقدر ب 28ألف ريال، ولم استعد منها إلا جزءاً قليلاً بمساعدة عامل سوداني يعمل معي، حيث كنا نقوم بالبحث ليلاً عنها، ودلني عليها وافد يمني متخلف وسلمته للشرطة لأنه اعترف على أسماء معينة جميعهم متخلفين ومعهم واحد فقط مقيم حملهم بسيارته.
ويقول البقمي: أود أن تعالج البلدية وضع المحرقة حتى لو بازالتها، لأنها مجمع مجاري للمياه، وبها يتم رمي الجيف وفيها يتم تنظيف الشارع العام من نفايات الخشب والحديد.
وينفي تهمة شراء المسروقات ويحولها إلى أصحاب الموازين، والعمالة الأجنبية التي تتاجر في هذه المسروقات، ويطالب الشرطة بالعمالة التي تركب الموتوسيكلات لأنها الأخطر في نهب وسرقة الكوابل والموصلات.داخل المحرقة
سليمان كي يعمل في المحرقة منذ أربع سنوات في مجال بيع وشراء الأخشاب حيث يقوم وافد سوداني بتزويد المحل من البضاعة ويقوم هو بتصريفها مقابل 60ريالاً يومياً.
وتختلف حالات التخلف من عامل إلى آخر ولكنهم في نهاية الأمر يجتمعون في مخالفة النظام وتهديد أمن المجتمع.
هديش عامل آخر حديث عهد بالمحرقة بدأ عمله في رمضان الماضي، وهو لا يحمل إقامة لأنه بحسب كلامه ليس على كفالة أحد، ولا يعمل في محل بعينه وإنما يعمل بحسب ما يرزقه به الله.
وكذا الحال بالنسبة لليمني أحمد فهو أيضاً بلا إقامة ويعمل منذ ستة شهور في المحرقة، وجاء إلى الدمام عن طريق التهريب وذلك لم يكلفه سوى 1200ريال، ويصف رحلته بالصعبة لاضطرارهم في بعض الأحيان للمشي على الأقدام لتجاوز مراكز التفتيش في الطرقات ويقول إن المخاطرة في ذلك سببها طلب المعيشة والرزق، وأن تهريبهم يتم بنظام مجموعات، وهناك من يموت في الطريق ومن يتم القبض عليه.
أحمد يعمل في تحميل شاحنات صغيرة بالبضائع من حديد واخشاب مقابل أجر يومي بين 50- 60ريالاً، وذلك دون طموحه ولكنها تسد معيشته بحسب قوله.
إٍقامات مزورة
عامل يمني آخر اسمه إبراهيم جاء من الحديدة إلى الدمام عن طريق التهريب، ويرى أن في ذلك مغامرة وتحمل مصاعب بحثاً عن لقمة العيش، ويقول إن عددهم في المحرقة حوالي عشرين (متسللاً).
ولهؤلاء تدبيرهم للسكن والإعاشة، إذ يمكنهم شراء إقامات مزورة لإكمال إجراء مثل السكن أو العلاج ومن يتوفى منهم يتم إبلاغ الجهات الرسمية التي تقوم بما يلزم، ولا يستطيع أقاربهم المقيمون مساعدتهم في شيء خوفاً من العواقب.
جاذبية المحرقة
إبراهيم حسن سوداني وصل المحرقة منذ شهرين قادماً من وادي الدواسر مع الإبل وليس التهريب، وحتى الآن لم يجد عملاً.
ومنذ حوالي شهرين أيضاً وصل اليمني محمد علي قادماً من بلاده عن طريق التهريب، وبدأ عمله في مزارع وادي الدواسر وجذبته سمعة المحرقة ليترك العمل في المزارع ويأتي إليها. وفي محلات بيع الأغنام يعمل عبدالله جيلاني لصالح أحد اليمنيين بعيداً عن كفيله المقيم في الباحة (نحتفظ باسمه)، وينكر معرفته بمخالفين من جنسيته أو أنهم يخبئون المتسللين عند حضور حملات التفتيش، ويقول إنه نادراً ما تحضر حملات تفتيش للبلدية رغم وجود عدد من المخالفات في السوق منها محلات تعمل بدون ترخيص.